السبت، 15 فبراير 2014
2:49 م

مختارات من شعر الحطيئة وأخباره الجزء -4-

بسم الله الرحمن الرحيم 








وقال الحطيئة:


ألا طرقتنا بعدما هجعوا هندُ ... وقد سرنَ خمساً واتلأبَّ بنا نجدَ

الاتلئبابُ: الانطلاق والتتابع والسرعة. والمتلئب: المنبسط.
ويروى: واستبان لنا نجدُ.
ألا حبذا هندٌ وأرضٌ بها هندُ ... وهندٌ أتى من دونها النأيُ والبعدُ
وهندٌ أتى منْ دونها ذو غواربٍ ... يقمصُ بالبوصيِّ معرورفٌ وردَ
ذو غوارب: له أسنمةٌ من الموج. ومعروف: له عرف. وورد: كدرٌ أحمر. والبوصيُّ: السفينة. ويقمص بها: يضطرب.
وإن التي نكبتها عن معاشرٍ ... غضابٍ على أن صددتُ كما صدُّوا
يعني القصيدة التي مدحَ بها بني قريع. نكبتها عن معاشر: يريد الزبرقان، وبني بهدلة.


أتت آلَ شماسِ بنْ لأي وإنما ... أتاهم بها الأحلامُ والحسبُ العدُّ
يقول: أتاهم بها أحلامهم وحسبهم. والعد: مأخوذ من الماءِ العد، وهو الذي لا يكادُ ينقطع.

فإنَّ الشقيَّ منْ تعادِي صدروهم ... وذو الجدِّ منْ لانوا إليه ومن ودوا
يسوسون أحلاماً بعيداً أناتها ... وإنْ غضبوا جاَء الحفيظةُ والحدُّ
الأناةُ: الانتظار. ويقال: ما أبعدَ حلمه! أي لا يعجلُ والحفيظة: ما أحفظك. والحد: حد البأس.
أقلوا عليهم، لا أبا لأبيكمُ ... من اللومِ أو سدُّوا المكانَ الذي سدوا
أولئكَ قومٌ إن بنوا أحسنوا البنى ... وإن عاهدوا أوفوا وإنْ عقدوا شدوا
البني: جمع بنية. ويروى: البني. يقال: ما أحسن بنية بيتك؛ أيْ هيئته التي بني عليها، كقولك: ما أحسن ضجعته وركبته!
وإنْ كانت النعمى عليهم جزوا بها ... وإنْ أنعموا لا كدروها ولا كدُّوا
ويروى: وإن كانت النعماءُ فيهم؛ أي إن كانت لقومٍ عليهم يدٌ ومنةٌ كافئوا بها؛ وإن كانت لهم على قومٍ يدٌ لم تستثيبوها.
وإن قال مولاهم، على جلِّ حادثٍ ... من الدهرِ، ردوا بعضَ أحلامكم ردوا
يقول: إن قال ابنُ عمهم على عظيم من الحدثان: ردوا بعض أحلامكم فعلوا. وهذا من فضل حلمهم.
وإن غاب عن لأيٍ بغيضٌ كفتهم ... نواشئُ لم تطرْ شواربهم مردُ
وكيفَ ولمْ أعلمهمُ خذلوكمُ ... على مفظعٍ ولا أديمكمُ قدوا
مطاعينُ في الهيجا مكاشيفُ للدجىَ ... بنَى لهمُ آباؤهمْ وبنى الجد
فمنْ مبلغٌ لأياً بأنْ قد سعى لكمْ ... إلى السورةِ العليا أخٌ لكم جلدُ
أي إلى الشرف الأعلى. والسورة: المجد. والسورة: ما يسور في الرأس من غضبٍ أو سكرٍ.
جرى حين جارى لا يساوى عنانه ... عنانٌ ولا يثني أجاريهُ الجهدُ
أي لمَّا سابق سبق. وهذا مثلٌ ضربهُ. ويعني بأجاريه ضروباً من جريه.
يقول: إذا جهد لم يذهب ذلك من جريه ولم يثنه.
رأى مجدَ أقوامٍ أضيعَ فحثهمْ ... على مجدهم لما رأى أنه الجد


وقد لامني أفناءُ سعد عليهمُ ... وما قلتُ إلا بالتي علمتْ سعد
يروى: وتعذلني أفناءُ سعد.

وقال يمدح بغيضاً:
آثرتُ إدلاجي على ليلِ حرةٍ ... هضيمِ الحشا حسانةِ المتجرد
إذا النومُ ألهاها عن الزادِ خلتها ... بعيدَ الكرى باتتْ على طيّ مجسد
أي هي ميسان: مفعال من الوسنِ، فيلهيها النوم عن العشاءِ. والمجسد: المصبوغ بالجساد: الزعفران.
إذا ارتفقتْ فوقَ الفراشِ تخالها ... تخافُ انبتَاتَ الخصرِ ما لم تشدد
ارتفقت: وضعت مرفقها تحت رأسها. وارتفقت: اتكأت على مرفقها ومنه قيل للوسادة: مرفقة.
يقول: تخاف أن ينقطع خصرها لدقته ولينه.
عميمةُ ما تحتَ النطاقِ وفوقهُ ... عسيبٌ نما في ناضرٍ لم يخضدِ
العميم: التام؛ يعني عجيزتها. وما فوق ذلك كأنه عسيب في لينه.
-
تراها تغضُّ الطرفَ دوني كأنما ... تضمنُ عيناها قذًى غيرَ مفسد
أي تكسرُ طرفها دوني. غير مفسد: أي لم يبلغ أن يفسد عينيها.
وتفرقُ بالمدرَى أثيثاً نباتهُ ... على واضحِ الذفرَى أسيلِ المقلدِ
الأثيثُ: الكثير من الشعر والنبات. والأسيل: الطويل. والمقلد: العنق.
تضوعُ رياها إذا جئتُ طارقاً ... كريح الخزامى في نباتِ الخلي الندي
تضوع وضاع يضوع: فاح.
وإن شئتُ بعدَ النوم ألقيتُ ساعدي ... على كفلٍ ريانَ لم يتخدد
لم يتخدد: لم يهزل وينقص.
لها طيبُ ريَّا إنْ نأتني، وإنْ دنتْ ... دنتْ وعثةٌ فوقَ الفراشِ الممهد
الوعثة: اللينة السهلة المسِّ.


وفي كلِّ ممسَ ليلةٍ ومعرسٍ ... خيالٌ يوافي الركبَ من أمِّ معبَد
فحياكِ ودٌّ من هداكِ لفتيةٍ ... وصهبٍ بأعلى ذي طوالةَ هجد

الأصمعي: فحياكِ ربي؛ لأن وداً اسم صنم.
تسديتنا منْ بعدِ ما نام ظالعُ ال ... كلابِ وأخبى نارهُ كلُّ موقدِ
تسديتنا: ركبتنا يعني خيالها. والظالع من الكلاب: الذي ينتظر الكلبة حتى تسفد ويسفد هو آخر الكلاب لأنه أضعفها. ومنه يقال: ارقَ على ظلعك؛ أي اصعد الجبل وأنتَ تعلمُ أنكَ
ظالع، فلا تجهد نفسك.
لما رأتْ من في الرحالِ تعرضتْ ... حياءً وصدتْ تتقي القومَ باليد
تعرضت: ولتنا عرضها. والعرضُ: الجانب. وصدت تأخرت.
وأنى اهتدتْ والدوُّ بيني وبينها ... وما خلتُ ساري الليلِ بالدوِّ يهتدي
بأرضٍ ترى فرخَ الحبارَى كأنهُ ... بها راكبٌ موفِ على ظهرِ قردد
الموفى: المشرف. يريد أن الدو مستوٍ، فإذا رأيت حجراً قد نصب فيه رأيته كأنه قصرٌ من شدة استواءِ الأرض.
وأد ماَء حرجوج تعاللتُ موهناً ... بسوطيَ فارمدتْ نجاَء الخفيددِ
الأدماء: البيضاءُ هنا. والحرجوج: الطويلة على وجه الأرض. وتعاللتُ: طلبتُ علالتها. والعلالة: الشيء بعد الشيء، مثل المشي بعد المشي، والعدوِ بعد العدو. وموهناً: بعد سعاة من الليل مضت. وقوله: نجاءَ الخفيدد: أي عدو الظليم.
وإن خاف جوراً من طريقٍ رمى بها ... سوى القصد حتى تستقيم ضحى الغد
يقول: إن خاف أن تجور به عن الطريق اعتسف بها غير الطريق حتى تلقى ضحوة الغد لما فيها من العلالةِ والبقية.
وكادت على الأطواءِ أطواءِ ضارجٍ ... تساقطني والرحلَ من صوت هدهد
يروى: تكسرني والرحل.
ترى بين لحييها إذا ما تبغمتْ ... لغاماً كبيتِ العنكبوتِ الممدد
اللغام: زبد الإبل.
ويروى: تزغمت. والتزغم: صوتٌ ضعيف. يقول: لا ترغو من الضجر.

كأنَّ هويَّ الريح بين فروجها ... تجاوبُ أظارٍ على ربعٍ ردي
أي هي مشرفةٌ، فإذا هبت الريح بين فروجها سمعت لها دوياً كأنه صوت أظارٍ عطفن على حوارٍ أصابه ردًى. ويقال: رديَ على فعل بمعنى انكسر. ويقال: ظئر وأظآر وظؤار وظؤرة. وهي المعطوفة.

وترمي يداها بالحصى خلفَ رجلها ... وترمي به الرجلانِ دابرةَ اليد
قال السجستاني: وفي كتاب حماد الراوية زيادةٌ بعد هذا البيت أربعة أبيات كتبتا ليعرف
المصنوع؛ وهي:
وتشربُ بالقعبِ الصغير وإن تقدْ ... بمشفرها يوماً إلى الحوضِ تنقد
وإن حطَّ عنها الرحلُ قاربَ خطوها ... أمينُ القوى كالدملجِ المتعضدِ
تراقبُ عيناها إذا تلعَ الضحا ... ذباباً كصوتِ الشاربِ المتغردِ
وتضحي الجبالُ الغبرُ خلفي كأنها ... من الآلِ حفتْ بالملاءِ المعضدِ
هذا آخر الزيادة.
يظلُّ الغرابُ الأعورُ العينِ واقعاً ... مع الذئبِ يعتسانِ نارِي ومفأدي
المفأد: الموضعُ الذي تحشُّ في النار.
قال: والمفأد بكسر الميم: عصية يقلبُ بها الملة والشواء. وقال غيره: المفأد: السفود.
وإن نظرت يوماً بمؤخرِ عينها ... إلى علمٍ بالغورِ قالت له: ابعد
أي لا يشتد عليها بعده لنشاطها وقوتها على السير. والعلم: الجبل. والغور: غور تهامة.
فما زالت العوجاء تجري ضفورها ... إليكَ ابنَ شماسٍ تروحُ وتغتدي
العوجاءُ: المهزولة. والضفور: الأنساع. يقول: رحلتها وهي سمينةٌ فهزلت فاضطربت ضفورها. والواحد ضفر؛ قال الشاعر:
وقد تدانى حقبٌ وضفر


إلى ماجدِ يعطي على الحمدِ ماله ... ومن يعط أثمانَ المحامدِ يحمد
وأنت امرؤٌ من تعطهِ اليومَ نائلا ... بكفيك لا يمنعكَ من نائل الغدِ
أراد قول النابغة:
ولا يحولُ عطاءُ اليوم دونَ غد
دون عطاء غد.
مفيدٌ ومتلافٌ إذا ما سألته ... تهللَ واهتزَّ اهتزازَ المهند
متى تأتهِ تعشو إلى ضوءِ نارهِ ... تجدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ موقد
عشا يعشو: إذا استدلَ على النارِ ببصرٍ ضعيف. وقال ابن دريد: عشوتُ إلى ضوئك إذا قصدته بليل. وقال غيره: العاشي: الذي يسيرُ في ظلمة الليل على ضوءٍ قليل.
هو الواهبُ الكومَ الصفايا لجاره ... يروحها العبدانُ في العازبِ الندي
يروى: العبدان. جمل أكوم، وناقة كوماء؛ وهي العظيمة السنام.

0 التعليقات:

إرسال تعليق